• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    تفسير: (لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات الساعة (2)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    ما جاء في فصل الصيف
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
شبكة الألوكة / ثقافة ومعرفة / عالم الكتب
علامة باركود

كتاب "محمد والقرآن" للمستشرق الألماني رودي باريت

كتاب "محمد والقرآن" للمستشرق الألماني رودي باريت
أحمد فتحي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 25/12/2010 ميلادي - 18/1/1432 هجري

الزيارات: 40392

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

كتاب "محمد والقرآن"[1]

للمستشرق الألماني رودي باريت

عرض ونقد

عرض: أحمد فتحي


"رودي باريت" هو واحد من أهم المستشرقين الألمان الذين ارتبطت أسماؤهم بالقرآن الكريم، وهو صاحب أشهر ترجمة علمية للقرآن الكريم، والتي نالت قدرًا من التبجيل والاحترام في جميع الأوساط العلمية؛ سواءً بين الألمان أو المسلمين، ليس هذا فحسب، فالرجل لم يكتفِ في اهتمامه بالقرآن بمجرد الترجمة، بل أتْبع ترجمته بعدة كتب في الدراسة حول القرآن؛ من هذه الدراسات الدراسة التي تحمل عنوان: "محمد والقرآن"، وهي دراسة موسَّعة، حاول فيها الحديث عن الملابسات التي سبقت القرآن الكريم وسيرة النبيِّ الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبيان مدى ارتباطها بالقرآن الكريم.

 

ومما يزيد من أهمية الكتاب الذي صدر للمرَّة الأولى عام 1979م: الإقبال الجماهيري الذي يلقاه الكتاب؛ مما يدل على انتشاره بين النخبة التي تهتم بالإسلام في ألمانيا، حتى صدرت منه الطبعة العاشرة في شكل شعبي عام 2008م.

 

والكتاب يتناول الرسالة المحمدية وارتباطها بالقرآن الكريم، مستخدمًا في ذلك مناهج المستشرقين التي يفترض أن تكون علمية؛ ونظرًا لأن الوحي في نظر "رودي باريت" أمرٌ لا يمكن الاستدلال عليه علميًّا، فهو افتراض غير مطروح على مائدة البحث، وتكمُنُ مهمةُ الباحث الذي يُريد أن يكون علميًّا في نظر هؤلاء أن يبحث في الأرض والبيئة قبل الإسلام وأثناء سيرة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن المؤثِّرات الحقيقية التي كانت وراء ظهور هذا النص "القرآن".

 

فصول الكتاب تتنوَّع بين الترتيب الطبيعيِّ للسيرة النبويَّة، فتتحدَّث عن الحياة الجاهليَّة قبل البَعثة ومراحل حياة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وبين فصول خاصة بمحتوى القرآن؛ مثل الحديث عن فكرة الحساب في القرآن الكريم، وتصور الإله الخالق المنعم في القرآن، وخلال هذه الفصول يتمُّ الدمج بين السيرة النبوية، وتأثير ذلك على أسلوب ومحتوى القرآن.

 

خطورة الكتاب ترجع إلى عدة عوامل منها:

1- أن الكتاب، وإن كان في أصله بحثًا علميًّا متخصصَّا، إلاَّ أنه صِيغَ بلغة يُمكن للجميع فهمُها، مما كان له أثرٌ كبيرٌ في انتشاره  جماهيريًّا.

 

2- شخصية الكاتب؛ فهو ذو سمعة علمية ذائعة الصيت - شرقًا وغربًا - وخاصةً فيما يتعلق بالقرآن الكريم.

 

3- أن الكتاب قد قرأه وأعاد إنتاجه بلغتنا فريقٌ من الكَتَبة؛ أمثال: سيد القمني ونوال السعداوي، وآخرين تأثَّروا به، هم أقلُّ عداوة؛ لكنهم أكثرُ خطرًا.

 

4- أن للكاتب أسلوبًا يُوحِي بالعلمية والموضوعية وعبارات ظاهرها المدح، يتحمَّس لها الذين يفرحون بكلِّ كلمة يقولها الغرب عن القرآن أو الإسلام عمومًا تبدو كأنها حسنةٌ، حتى ولو كانت في حقيقتها "تكذيب مهذب" إذا صح التعبير.

 

البيئة:

الفصل الأوَّل من الكتاب يعرض تفاصيل البيئة الجاهلية قبل الإسلام، وهو فصلٌ أساس في الكتاب يرصُد فيه المؤلِّف الوضعَ الثقافيَّ والسياسي العامَّ في شبه الجزيرة العربية، متوصلاً إلى نتيجة أن الإسلام: "وإن كان قد ظهر في مهده على حافة المعمورة، فإنه كان واقعًا في مجال تأثير كلتا الديانتين الأختين القديمتين"[2] ثم يتناول أثرَ التواجد اليهودي في المدينة، وأثر ذلك - بحسب رؤية باريت - في استجابة الأنصار للنبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - "فلا غرو إذاً أنِ استجاب العرب في المدينة - موطن اليهود - لرسالة محمد ووعوها بعد أن وجدتْ آذانًا صُمًّا في مكة "[3] نقل هذا الاستنتاج دون أن يطرح في الكتاب تساؤلاً حول السبب في عدم دخول اليهود في الدين، إذا كانوا هم السبب حقًّا في استجابة المسلمين في المدينة.

 

وقد أعطى الكاتب مساحةً من التأثير النصراني على جزيرة العرب، بالرغم من تسليمه بأن مكَّة والمدينة كانتا منعزلتين تمامًا، وأنه "لم يصلْها مد الحركات التبشيرية إلاَّ ضعيفًا فاترًا، ولم يوجد على الإطلاق طائفة أو جماعة نصرانية في مكة أو المدينة"[4] ومع ذلك فإنه يتوصَّل إلى نتيجة مفاجئة، وهي أن النموذج التعبدي للنصارى واليهود العرب ترك أثراً ما زال حتى الآن يُرى في الطريقة التي أدَّى بها محمَّدٌ الصلاة بنفسه"[5].

 

ويستمر الكاتب والمستشرق الألماني في رحلته للبحث في الأرض عن مصادر القرآن، فيرى في كتابه تحت عنوان "آلهة العرب القديمة": أن محمداً قد نشأ وشبَّ وسط هذه الجاهلية، وفي محيط مجتمع عربي وثَنِيِّ التصورات والعلائق"[6] وهذه الحقيقة التاريخية التي لا يختلف عليها أحد لكن "باريت" يستنبط منها أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - تأثَّر بالوثنية وهو يدعو إلى الإسلام، هذا ما قاله "رودي باريت" في نفس الصفحة وهو يتحدث عن الحج: "ولقد كانت مكة - على سبيل المثال - تُقدِّس حجرًا أسود مازال مقدسًا حتى الآن، وكان هذا الحجر في أحد حوائط الكعبة الخارجية، والكعبة عبارة عن بناء مكعب الشكل، كان ينظر إليه على أنه مقرُّ الألوهية (بيت الله)"[7]، وفي رصد المؤلف لظاهرة الحنفاء الذين ظهروا قبل بعثة النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -  يقول: "ومن الضروري وجودُ أُناس موهوبين مفكرين قبل محمد على فترات متباعدة، لم يجدوا ما يُرضيهم في التراث الديني المحلي، فاعتنقوا بعض الأفكار التي كانت معروضةً دومًا من قِبَل اليهود والنصارى عن طيب خاطر، واعتبروها خاصة بهم"[8] .

 

كما لم يفُتِ الكاتب وهو يتحدث عن الحالة الثقافية - إذا صح التعبير -  في مكة أن يتناول بالبحث ظاهرة السحر أو ما سماه الكاتب "عالم الأرواح والسحر"، متحدثًا في ذلك عن ظاهرة  الاعتقاد بأن الشاعر المجيد كان له رديف من الجن؛ بل كانت العرب تصف طريقة إلهام الجني  للشاعر بالوحي أيضًا، هذه المقدمة كانت كافية بحسب "رودي باريت" إلى القول: "وبالمثل فقد اعتقد محمدٌ أيضًا أنه على اتصال بعالم الغيب، وأنه يوحى إليه من هذا العالَم غير أن الروح (الكائن الروحاني) الذي كان يبلغه الوحي ليس (أي جن) بل كان ينتمي إلى عالم الملائكة - رسول كريم - (81 – 19، 69 –40) - أمين - (26- 193)، (81 -21) - الروح القدس - (16–40)، قارن (97-4)"[9]، كما تحدَّث الكاتب عن الكهانة كأحد صور تعامل البشر مع الأرواح - على حد تعبير باريت - وعقد مقارنة بين الأسلوب اللُّغوي للقرآن وبين سجع الكهان، متوصلاً إلى أن "هذا التوافق في استعمال هذا الأسلوب اللُّغوي، والذي يُعَدُّ من الصعب اعتباره مصادفة، كان لزامًا أن يلفت نظرَ قومِ النبيِّ ومعاصريه، وإلا لما كانوا وصفوه بأنه كاهن؛ ﴿ فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ ﴾ [الطور: 29]، (52- 29)،  ﴿ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الحاقة: 42]، (69- 42)"[10] .

 

إن رحلة اللملمة التي يقوم بها المستشرق قائمة على مسلمة، تقع عنده في النطاق الذي كان يسميه الأستاذ محمود شاكر "ما وراء المنهج"، وهي أن المقاربة العلمية للدين - أي دين - يجب أن تستبعد فكرة الوحي الإلهي، وإلاَّ انتقل البحث إلى بحث لاهوتي لا عَلاقةَ له بالعلم بالمفهوم الحديث الذي ارتبط لأسباب تاريخية لدى الغرب بالعداء للدين لدى البعض، أو جعله مسألة إيمان لا علاقة لها بالعقل لدى آخرين.

 

محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم -:

يتناول "رودي باريت" شخصية النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - من منظور أنه إنسان مفكر وباحث عن الله، وأنه قد اطَّلع على التراث المسيحي واليهودي، هذا مع إقرار "باريت" أن مكة كانت منعزلةً عن التيارات المسيحية واليهودية، كما يرى أنه تأثَّر بمن سبقه من الحنفاء، ومع أن "باريت" يرى أن القرآن ليس وحيًا، أو هو وحيٌّ نفسي ليس من الله، فإنه يصف النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالصدق المطلق والتدين الشديد في أكثر من موضع من كتبه، وقد أكثر بعضُ  المسلمين من نقل ما يقوله "باريت" عن القرآن وعن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وانخدع بكلامه كثيرون، فأحسنوا الظن بآراء الكاتب؛ يقول باريت: "من الممكن نسبيًّا دحضُ ادِّعاء كذب النبيِّ الذي وُجِّه ضده على مدى عدة قرون مضت، لقد كان محمد في جوهره إنسانًا متدينًا، ويكمن مفتاح فهم شخصيته في تدينه"[11]، "وإذا ما أبدى الإنسان رأيه فيما يلي حول بعض الجوانب الخلافية من شخصية محمد، فسوف يحدث حقيقة بقصد إنصاف ذلك النبيِّ العربي ما أمكن، لكنْ في الوقت نفسه - مع اليقين بأن معرفتنا تبقى غير مكتملة وذاتية في جزء كبير منها - فكل مؤرخٍ يقدِّم موضوعَ بحثه برُؤى أساسية تتناسب مع عصره، وبوجهات نظر يرى أنها مهمة وذات دلالة كبيرة"[12] هذه النصوص من كتابه تدل على قدر من الموضوعية والبحث عن الحقيقة - بغضِّ النظر عن التحقق من صدق هذا الادِّعاء من عدمه - لكن المتمهل يعلم أن الرجل لا يعني ما يفهمه الطيبون من المسلمين.

 

إن مفهوم الصدق لدى "باريت" لا يعني مطابقة الخبر للواقع كما يظن ذلك القارئ للوهلة الأولى، المقصود الذي ذهب إليه باريت هو مفهوم الصدق الذاتي، ومؤدَّاه أن القائل يُصدِّق أن ما يقوله حق، بغض النظر عن مطابقة ذلك للواقع من عدمه، إنه صدق المجنون وهو يخبر عن هلاوسه السمعية والبصرية، إنه صدق الطفل الذي يحكي عن خياله وكأنه حقيقةٌ رآها، إنه صدق المخطئ وسيء الفهم ذي النية الحسنة، يقول باريت: "ويجب أن نقر للنبيِّ بالصدق الذاتي كمبَلِّغٍ للوحي"[13] بل حتى مفهوم الصدق الذاتي الذي يراه باريت غير مكتمل الأركان، فلابدَّ في هذا الصدق أن يكون المبلِّغُ غافلاً عن جهة الخطأ في قوله، وإلاَّ كان متعمدًا للكذب؛ يقول باريت: "ومن الممكن أن يبدو لأمثالنا غريبًا ومتناقضًا أن يتعلم إنسان على يد أناس ثقات من أصل أجنبي أمورًا متعلقةً بأحداثٍ مضت، وأن يصوغ هذه الأحداث فيما بعد من جديد بلغته الأم، ويكون في ذلك مقلِّدًا لهم، ثم يدَّعي بعد ذلك أن النصَّ والموضوع معًا قد أتياه من الإله عن طريق الوحي، لكن النبيَّ العربيَّ لم يستنكر هذا الأمر بل ..."[14].

 

القرآن الكريم:

يمثِّل  القرآن الكريم من وجهة نظر "باريت" نصًّا يجب دراسته على ضوء المناهج النقدية، وللنقد مداخل لقراءة النصِّ، وقد استخدم باريت منهجية النقد الداخلي للقرآن واعتبره وثيقة حاول الاعتماد في فهمها على الدراسات التاريخية والفيلولوجية[15] التي سبقته في محاولة ترتيب القرآن للتوصل إلى نقد تاريخي للآيات، ومحاولة الوصول إلى التطور الفكري للنبيِّ محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - في القرآن على حسب تعبير باريت، بالإضافة إلى دراسة البيئة وتأثيرها على  القرآن، وبالأخص الفرق بين القرآن المكي والمدني، وكان المدخل الرئيس في محاولة فهم القرآن هو ربطه بالتحليل النفسي والاجتماعي لقائله، وهو النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بحسب ما يدَّعيه باريت، ومهمة باريت فيما يخص القرآن هي البحث عن تفسير علمي لظاهرة  القرآن. والمقصود بالعلمية هنا - كما يرى باريت - ألاَّ يكون التفسير غيبيًّا؛ يقول باريت: "فمن الممكن أن نقبل أن إدراكه - أي: النبي، صلَّى الله عليه وسلَّم - أنه عهد إليه بمثل هذه المهمة قد اتضح داخله ذات مرة في صورة تجربة وحي، ونتساءل: هل يمكن فهم هذا الوحي تاريخيًّا بناء على التراث الوطني أو بناء على شهادة القرآن؟ أو هل يمكن تعليله على الأقل نفسيًّا؟"[16]، إنه البحث عن مصدر  القرآن الأرضي.

 

تعليق عام على الكتاب:

لاشكَّ أن المسلم الذي يقرأ هذه الكلمات التي قالها "رودي باريت" عن محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - والقرآن يجد في نفسه حيرةً وتعجبًا عن السبب الذي يؤدِّي بإنسان على هذا القدر من الاجتهاد في العلم إلى هذه الحجج المتهافتة، ولكنَّ الحقيقة التي يجب الانتباه إليها أنَّ الخلل في هذا التفكير لا يرجع إلى الإجراءات المنهجية التفصيلية فحسب، وإنما يرجع بالأساس إلى خلل منهجي عام لدي الغربيين، ومَن تأثَّر بهم فالمنهج العلمي - عندهم - لا يمكنه إثبات الوحي ولا الاعتراف به، والمنصفون منهم يقولون: إنه لا يمكن للعلم أيضًا أن ينفي فكرة الوحي،  إذاً فالرجل يستبعد من بحثه أيَّ تفسير غيبي حفاظًا على المنهجية العلمية! ويستعمل بديلاً عن ذلك مناهج البحث المتاحة لدراسة النصوص مثل المنهج النقدي التاريخي، ومناهج علم الاجتماع الديني، والفيلولوجيا، ومناهج النقد الأدبي، التي تستخدم المقاربة البيئية بالدرجة الأولى في محاولة تفسير النص ونسبته إلى مؤلفه.

 

وإذا أضفنا إلى ذلك أن الكاتب لا يؤمن بصحة المرويات المذكورة في السُّنَّة، وبالأحرى المرويات التاريخية، تعرِفُ في أيِّ  ظلمة يتخبَّط مَن يسير في هذا الطريق، ولذا فإن البحث مليء بالفجوات التي لا يستطيع المؤلف ولا غيره من الباحثين الذين يلتزمون هذا المنهج  بملء فراغها للتوصل إلى صورة متكاملة، ولهذا فإنهم يستعملون وبكثرة منهج "التوسم التاريخي" ومعناه ملئ الفراغات التي لا نعلم عنها شيئًا موثوقًا به عن طريق التخيل المبني على المعرفة العامة بقوانين المجتمعات والمعلومات المتوفرة عن المجتمع الذي تتناوله الدراسة؛ يقول باريت:"وعلينا أن نقتنع بأن القرآن لم يقدِّم لنا شيئًا ذا بال عن الأربعين سنة الأولى من حياة النبيِّ، وفيما عدا ذلك ليس أمامنا إلا التخيل لقراءة ما بين السطور"[17].


وإذا أخذنا في اعتبارنا الاختلاف الحضاري، والبيئي، والزمني بين الكاتب والبيئة التي يدرسها، لعَلِمْنا أنَّ المسألة غايةٌ في الصعوبة والضبابيَّة، هذا كلُّه على افتراض أنَّ المؤلف استطاع أنْ يتجرَّد من أحكامه المُسبَّقة عن الإسلام، والتي نشأ عليها بحكم التربية، والدين، والمجتمع، ويُقِرُّ "باريت" - في إنصافٍ - بعدم قدرته على الخروج تمامًا من تأثير بيئته على نظرته للقرآن والنبيِّ محمد - صلَّى الله عليه وسلَّم - "بأن معرفتنا تبقى غير مكتملة وذاتية في جزء كبير منها؛ فكلُّ مؤرخ يقدِّم موضوعَ بحثه برؤى أساسية، تتناسب مع عصره، وبوجهات نظر يرى أنها مهمة وذات دلالة كبيرة"[18].

 

وإذا كنا قد عرضنا الأسباب التي رأيناها سببًا في بُعْدِ نتائج الكتاب عن الصواب، وبعضها راجع إلى بيئة الكاتب، ودينه، وأصل نشأته، فضلاً عن أن العربية ليست لغته الأم - مع أنه يُجيدُها - فإننا نستطيع أن نفهم العوامل المؤثرة على الكاتب، والتي يعترف بها في إنصاف.  العسير على التفسير هو موقف "وكلائِنا في الخارج" والمسؤولين عن نقل كلِّ ما يقوله الغرب بكل إجلال وتقدير، ويقين لا يَجرؤ الكاتب الأصلي على ادِّعاءه.

 

وأخيرًا: فإني أرى أن الكتاب على قدرٍ كبير من الأهمية؛ لا لأن ما فيه يمكن أن يكون علمًا يُنتَفَع به، ولكنْ لأنه يعكس كيفيةَ نظر الرجل الغربي إلى الدين عمومًا، وإلى الإسلام خاصةً، وبالتالي يُمكِنُنا معرفةَ المداخل الصحيحة لدعوة هؤلاء إلى الإسلام، كما أن دراسة أفكار هؤلاء والرد عليها، هي بمثابة ضرب خطوط الدعم الخلفية للمستغربين من بني جلدتنا، وفي اتجاه آخر: أرى أنه على الذين يهتمون بآراء المستشرقين الإيجابية حول الإسلام أن يبذلوا كثيرًا من الجهد في معرفة السياق الذي يقال فيه المدح، ليس السياق المكتوب فحسب، بل السياق الثقافي والمعرفي أيضًا؛ فـ"ليس كلُّ سوداءٍ تمرة".

 



[1] ""Mohammed und der Koran، Gescichte und Verkündigung des arabischen Propheten" هذا هو العنوان الأصلي للكتاب في لغته الألمانية، وقد صدرتْ له ترجمةٌ للدكتور/ رضوان السيد، ضمن مشروع: "ترجم" ولكن لم يتيسَّر الاطلاع على الترجمة؛ لذا فإن الإحالات ستكون على النسخة الألمانية الصادرة عن دار "كولهامر" الطبعة العاشرة، لعام: 2008م.

[2] ص:11.

[3] ص:14.

[4] ص:16.

[5] ص:16.

[6] ص:17.

[7] ص:17.

[8] ص:20.

[9] ص:24.

[10] ص:25.

[11] ص:150.

[12] ص: 150.

[13] ص: 151.

[14] ص: 150.

[15]دراسة النصوص اللغوية دراسة تاريخية مقارنة؛ لفهمها والاستعانة بها في دراسة الفروع الأخرى التي يبحث فيها علم اللغة.

[16] ص: 48.

[17] ص: 39.

[18] ص: 150.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عرض كتاب: التاريخ الإجرامي للمسيحية
  • نظرة عن كثب على حال المسلمين في ألمانيا
  • تأثير ابن تيمية في الفكر الغربي في عين الاستشراق الألماني
  • عرض كتاب: التمويل الإسلامي (مقدمة في النظرية والتطبيق)
  • مستشرقون منصفون .. جوته " Goethe "

مختارات من الشبكة

  • تسهيل المسالك بشرح كتاب المناسك: شرح كتاب المناسك من كتاب زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الأصول في النحو(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • هذا كتابي فليرني أحدكم كتابه(مقالة - آفاق الشريعة)
  • كتاب (رياضة العقول)، المعروف بكتاب (تأخير المعرفة) لأبي العنبس محمد بن إسحاق الصيمري (ت 275 هـ)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • عرض كتاب (التحقيق في كلمات القرآن الكريم) للعلامة المصطفوي (كتاب فريد)(مقالة - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معاضة الشهري)
  • شرح كتاب الصيام من كتاب العمدة في الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي (600 هـ) (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • كتاب: النظرية الجمالية في العروض عند المعري ـــ دراسة حجاجية في كتاب "الصاهل والشاحج" للناقدة نعيمة الواجيدي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إتحاف العباد بشرح كتاب الزاد: شرح كتاب الصلاة إلى باب الأذان والإقامة من زاد المستقنع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الثاني) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قضاء الأرب من كتاب زهير بن حرب: شرح كتاب العلم لأبي خيثمة (الجزء الأول) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
2- جزاك الله خيرا
أحمد فتحي 30-12-2010 12:57 PM

وجزاكم الله خيراً أخي أبو حسن

1- عرض مميز
أبو حسن - الشارقة - الإمارات 25-12-2010 08:57 PM

بارك الله بكم على هذا العرض الجميل والمميز للكتاب

وأرجو منكم مواصلة عرض ونقد أمثال هذه الكتب، فهي في متناول الناشئة، وعرضها ونقدها ولو بشكل موجز كما في هذه المقالة فيه فائدة بعون الله لمن يتأثر بها...

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب